دروس في الصيانة و الترميم ( غير كامل )

دروس الصيانة و الترميم

تعريف الصيانة و الترميم و المحافظة


الصيانة Conservation


في علم الآثار تعني المحافظة على مختلف التحف الأثرية ذات القيمة التاريخية من خلال دراسة عوامل التلف التي لحقت بها و التي قد تصيبها أو تؤثر عليها و تهدف هاته العملية على دوام الأثر بشرط احترام أصالته و خصوصياته أي عدم المساس بالمادة الأصلية التي بني أو أنجدز بها.
و في تعريف مختصر هي كل العمليات التي يقوم بها المختصون من أجل المحافظة على التراث من الفناء و التدهور.

الترميم Restauration


هو تلك الأعمال التطبيقية التي تهدف إلى إصلاح الأضرار التي أصيبت الأثر و إعادة قيمتها التاريخية الجمالية و الفنية و لا يكون ذلك إلا بتكملة الأجزاء الناقصة أو إزالة التراكمات التي وقعت على التحف و الآثار بفعل العوامل الطبيعية و البيولوجية و الكيميائية المختلفة ، و الغاية من ذلك هو إعادة الآثار إلى الحالة التي كانت عليها قدر الإمكان مع مراعاة توضيح الأجزائ الأصلية و الإضافات حتى لا يحدث خلط لدى زائري الأثر حول هويتها.

المحافظة Préservation


لا تختلف كثيرا على الترميم فهي تهدف إلى اتخاذ مختلف السبل للحفاظ على هوية الأثر بالتدخل المباشر لمعالجة الأضرار باستعمال مختلف الطرق التجريبية و ذلك بتعيين خصائص الأثر الكيميائية و الفيزيائية و تحديد خطورة التلف و هذا من أجل اختيار المواد و التقنيات المناسبة لعلاجها.
نشأة و تطور الصيانة و الترميم

لا شك أن الصيانة و الترميم مرتبط ارتباطا وثيقا بالإنسان منذ استقراره أو حتى قبل ذلك ، ففي مرحلة القنص و الصيد كان يلجأ إلى إتخاذ السبل للمحافظة على الأسلحة التي استعملها في الصيد، و عند استقراره في أماكن محدودة المساحة و بنائه للأكواخ التي كانت بدايتها بجذوع الأشجار ثم الحجارة و الطوب، فقد عمل إلى ترميم الأضرار التي تسببها عوامل الطبيعة المختلفة كالزلازل و السيول الجارفة و الحرائق، الهدف من طلك هو توفير ملجأ يحميه من  قساوة الطبيعة.
و مع نشاة الحضارات الأولى التي كانت عملية الصيانة يقوم بها أشخاص مكلفون سواء بناء المباني المختلفة و مهندسي الإنشاء أو الأشخاص لهم دراية بأساسيات التعمير يعينون بصفة دائمة من طرف الحكام.
لكن بروزها كعلم أكاديمي يدرس في المعاهد المتخصصة كان من مطلع القرن العشرين ، وفق طرق عملية مستندة إلى العلوم المساعدة لعلم الآثار ، كالكيمياء و الفيزياء و علوم الأرض و البيولوجيا و غيرها ، إذ إن عملية الترميم تكون بتوافق الجهود المشتركة لفريق من المختصين تسند لكل واحد منهم مهمة محددة . هدفها الأساسي هو المحافظة على القيم الجمالية و التاريخية للآثار سواء الموجودة في الطبيعة أو المحفوظة داخل دور العرض و المتاحف.


مخطط يوضح طرق التدخل على مختلف التحف الأثرية :












أقسام الصيانة:
بالمفهوم العام تقسم الصيانة إلى قسمين:
الصيانة الوقائية هي التدخل الغير المباشر على الأثر من أجل وقايته و حمايته من الأخطار التي تهدد تواجده أو تؤدي إلى تدهور حالته
الصيانة العلاجية هي التدخل المباشر على الآثار و المقتنيات الأثرية لغرض إيقاف التدهور الذي يلحق بها

مبادئ الترميم:


مبدأ الوضوح ، أي توضيح الترميمات التي أحدثت حتى يمكننا مشاهدتها بوضوح و التفرقة بين ما هو أصلي و ما هو مضاف في وقتنا، و سواء كانت المواد المرمم بها أصلية أو مستحدثة فالمبدأ أن تكون التفرقة سهلة ، و بذلك يجب عدم القيام بأعمال الترميم التي يترتب عليها محو أو إزالة أو طمس الخصائص المادية و المعنوية للأثر.
مبدأ المتانة، يجب أن تكون المواد المرمم بها تمتاز بالصلابة و غير قابلة للتهشم بسهولة، و أن لا تؤثر بشكل كبير عوامل التلف الفيزيوكيميائية، لهذا ينبغي دراسة مسبقة للمواد المرمم بها و مدى ملاءمتها مع الآثار.
مبدأ قابلية الإزالة عند الضرورة، يعني أمو المواد المرمم بها حين نلجأ إلى استبدالها بمواد أخرى أو إضافة ترميم ثان نتيجة التدهور، تكون قابلة للإزالة دون المساس بأصل الآثار.
مبدأ عدم الإفراط في الترميم، بمعنى الاكتفاء بالقدر الواجب دون زيادات تشوه المبنى.
مواد البناء المشكلة لمختلف المباني التاريخية:

الصخور: تختلف تركيبتها و صلابتها بحسب طرق تشكيلها في الطبيعة و العناصر المشكلة لها و على العموم فهي مرتبة بالشكل الآتي مشكلة نسبة 99.8%  من إجمالي مركبات الصخور :
الأكسجين  46.71%    الصوديوم 2.75%   السيليكون 27.69%    البوتاسيوم 2.85%   الألمنيوم 8.70%   المغنزيوم 2.08%   الحديد 5.05%   التيتانيوم 0.62%   الكالسيوم 3.25%   الهيدروجين 0.14% 
و بصفة عامة تندرج الصخور تحت الثلاثة أقسام رئيسية.
1-   الصخور النارية أو المتبلورة: و هي التي تشكلت بفعل تصلب مواد الماغما سواء حدث هذا التصلب فوق سطح الأرض أو في جوفها ، و هي غالبا متكونة من معادن متبلورة ، و هي إشد الأنواع صلابة و أهم المعادن الداخلة الداخلة في تركيبها هي: الكوارتز ، الميكا ، الفلسبار و الأوليفين البيروكسين .

 و تنقسم الصخور النارية تبعا لنسبة الكوارتز ( ثاني أكسيد السيليكون ) إلى نوعين:
صور نارية حامضية ، تزيد نسبة الكوارتز عن 60% مثل الغرانيت.
صخور نارية قاعدية ، تنخفض فيها نسبة الكوارتز عن 52% ، مثل البازلت
2-   الصخور الرسوبية: تشكل نسبة 75%  من اليابسة ، تتميز بكثرة الترسبات الحيوانية و النباتية، و تنقسم إلى ثلاثة أقسام بالنظر إلى الطرق التي نشأت بها.

الطرق الكيميائية مثل الأملاح التي تترسب من المحاليل المختلفة
الطريقة العضوية و تشمل الرواسب التي تشكلت من بقايا نباتية أو حيوانية مثل الفحم الجيري
الطريقة الآلية و تشمل الصخور الرسوبية التي تكونت من المعادن الأولية التي قاومت عمليات التحول و التي حملتها الرياح دون تغير في تركيبها الكيميائي أو البلوري ، أو تلك التي جرفتها المياه مثل الرواسب الطينية و الطفيلية.
من امثل الصخور الرسوبية الأكثر استعمالا: الحجر الجيري و الحجر الرملي الذي يمتاز بكبر المسامية فهو أكثر الأنواع نفاذية للمياه.
3-   الصخور المتحولة: و هي الصخور التي كانت في أصلها نارية أو رسوبية و لكنها تعرضت لظروف مخالفة لظروف نشاتها فتحولت إلى نوع آخر يختلف عنها في شدة الصلابة و شكل البلورات ، و أهم العوامل التي تسببت في التحويل هي الحرارة و الضغط . من امثلتها الأردواز الذي يتشكل نتيجة لتحول الحبيبات الدقيقة عندما تتعرض لتأثير الضغط المؤثر عليها ، الشيست ، الرخام الذي يتشكل نتيجة تحول الصخور الجيرية و الدولومنية ، الكوارتزيت .



الآجر: يصنع من الطين و يجفف في الشمس ، و قد يحرق بعد ذلك في "قمائن" لتزداد صلابته . و هناك دلائل على أن الإنسان في مابين النهرين قد صنع الطوب المحروق منذ سنة 3500-3000 ق.م
و كانت الدولة في عصور مصر الأولى تحتكر صناعة الطوب، لان تسخير الحكومة للأسرى في صنع اللبن، جعل من الصعب على أي شخص من الشعب أن ينافس الحكومة في ذلك – و يحمل طوب العصور القديمة خاتم الدولة أو خاتم أحد المعابد التي كان مصرحا لها استخدام الأاسرى في صناعة الطوب.
الآجر المجفف La brique crue 
للحصول على العجينة الطينية المستخدمة في صناعة الأجر المجفف، هناك نسب معينة لمواده الأساسية و هي:
الرمل ( 55 إلى 75% )
التراب الناعم ( 10 إلى 28%)
الغضار ، والقش أو بقايا النباتات ( 15 إلى 18% )
الماء حسب الحاجة
و في حال عدم تطابق هذه النسب مع نسب التراب المختار يحدث تشققات و هشاشة على مستوى الآجر عند قيامنا بعملية التجفيف ( ان كانت نسبة الغضار كبيرة )
و في حال كان الرمل بنسب عالية يكون تماسك العجينة الطينية ضعيف.
الآجر المشوي La brique cuite

يتكون من ثلاث مواد رئيسية و بنسب معلومة و هي :
الطين: 60 إلى 65%
بقايا القطع الفخارية المهروسة بنسبة 20 إلى 25%
الماء بنسبة 18 إلى 20%
و تتكون من العناصر الآتية 34% الومينا ، 50% سيليكا ، 6% جير و مغنزيوم ، 8% اكسيد الحديد ، 2% مواد عضوية .
يأخذ الأجر المشوي عدة أشكال :
المربع Carrée ، مستطيل Rectangulaire ، دائري Rond ، شبه منحرف Trapézoïde ، مثلث Triangulaire .

أبعاد الآجر المشوي :


فيتروف يقسم الآجر إلى قسمين ، الآجر اليوناني و الروماني :
أما اليوناني هناك نوعان :
Tetradoron أبعاده 01 قدم ( 30.9 سم)
Pentadoron أبعاده 01 قدم و ¼ ( 38.62سم)
بالنسبة للآجر الروماني إذا كان مربع الشكل يقسم إلى :
Bessales أبعاده 2/3 قدم (20 سم ) لكل ضلع .
Pedales  أبعاده 01 قدم ( 30 سم )
Sesqui-pedales  قدم و نصف ( 45 سم )
Bepedales  أبعاده 02 قدم ( 60 سم )



 الملاط:

 و هو عبارة عن مادة تستعمل في أكثر من تقسنية ، فقد يكون عنصرا للربط بين الحجارة أو الآجر أو الرخام و غيرها من مواد البناء ، وقد يكون لغرض تلبيس الجدران أو يستعمل في التبليطات الفسيفسائية .. الخ، و يتكون أساسا من الجير و الرمل و الآجر المطحون ، و تتغير كمية المواد المشكلة للملاط حسب كل نوع ، و الجدول التالي يعطي أمثلة عن ذلك :
المادة اللاحمة
الرمل
الماء
حجم واحد من الجير
ثلاث أحجام من رمل المحاجر
15 إلى 20%
حجم واحد من الجير
2 حجم من رمل الأودية
15 إلى 20%
حجم واحد من الجير
2 حجم من رمل الأودية
15 إلى 20% 
حجم واحد من الجير
2 حجم من البوزولان
15 إلى 20%

و قد شرح فيتروفيوس في كتابه الثاني كيفية صنع الملاط و تركيبته ، فيأخذ كمية من الجير بعد تركه مدة معينة للتفاعل مكوناته و يخمد ، و بمثل تلك الكمية تضاف ثلاث كميات من الرمل المجلوب من المحاجر أو كميتين من رمل الوادي، و أحيانا يضاف إليه الآجر المطحون على أن تبقى نسبة الماء ثابتة في جميع الحالات و هي ما بين 15 إلى 20% من الخليك الكلي. 

الخشب:

 استعمل الخشب في كثير من الصناعات القديمة سواء الاثاث مختلف الوظائف ، مراكب الصيد و سفن الحرب و التجارة ، دعائم الأسقف و هياكل السند ، الأبواب و النوافذ و غيرها ...
و قد تعددت أنواع الخشب التي استعملت عبر مختلف حضارات العالم القديم و الوسيط و الحديث ، وإن كانت منطقة معينة لا يتوفر فيها نوع ما كانت تجلبه من مناطق مجاورة ، مثلا في عهد الأسرة الرابعة للدولة المصرية القديمة كانت تستورد أخشاب الأرز و الصنوبر و السرو من سوريا و لبنان .
 و إلى جانب استعمال الأخشاب في الأعمال التطبيقية و الإنشائية استعمل كمادة أولية في المطابخ و تسخين مياه الحمامات .

تعليقات

إرسال تعليق