مدخل إلى علم الآثار(Introduction to Archeology)

مدخل عام للتنقيب

تعريف علم الآثار (Archeology):

من الناحية اللفظية:

هذا المصطلح يقسم إلى قسمين Avch معناها قديم ، logie و هي يونانية و تعني العلم أو الحديث و معناها العلم الحديث الذي يدرس القديم و كلمة أركيولوجيا كان ظهورها في القرن الأول من الميلاد و كانت تطلق عند اليونان على فئة من ممثلي الدراماالذين كانوا يمثلون الأساطير القديمة على المسرح غير أنه سرعان ما اختفى هذا المعنى بصورة نهائية و الغريب في الأمر أن كلمة "أركيولوجيا" أو " أركيولوج" غير معروفة في اللغة اللاتينية و لا في لغة أخرى و إنما تم اقتباسها من اليونانيين و بعيدا عن المصطلح فإن علم الآثار مفهومه الواسع هو دراسة مافي الإنسان و مخلفاته المادية و الفكرية بمعنى منذ الآن استطاع الانسان أن يصنع في مادة ما أداة تساعده على متطلبات حياته الأساسية من مال و مشرب و ملبس و مسكن و هكذا فهو يتبع مسيرة التطور الذي عرفته الحضارة البشرية من عصورها الماضية عن طريق استقراء الشواهد المادية من الفنون و المنازل و المباني و الأدوات و الأسلحة ... إذ علم الآثار يحاول في الواقع التوصل إلى معرفة مراحل و عوامل تطور  الانسان و تجميع قصة حياته بعضها ببعض و هو العلم الذي يهالج و يدرس كافة الوثائق مهما كانت طبيعتها فلا يمكن أن تسميه علم دراسة الأحجار القديمة بالرغم من أنه يهتم بتلك الأحجار فهو يحاول من خلالها العثور على أثر نشاط إنسان الغابة فهو واحد من العلوم الذي يركز جل اهتمامه بشكل أساسي على دراسة الآثار القديمة فهو يبحث في أي فترة تاريخية و يهتم بجميع المظاهر و الأنشطة في العصور السابقة فلا يمكن تحديد زمن ثابت لأنه كلما زاد عمر البشرية كلما اتسعت حدوده الزمنية و أخيرا فإن المدلول الحديث لهذا العلم مرتبط بأمرين أساسين و هما :

1/
يهتم بأعمال الحفر و التنقيب بحثا عن الآثار و تسجيل أوضاعها و أوصافها و صورها و ترميمها و المحافظه عليها.
2/ استخدام هذه الآثار المكتشفة في القاء الضوء على حضارة الأنسان منذ ظهورهاو استنباط مختلف مراحلها و هكذا يصل إلى معرفة قصة الانسان كما تحكيها البقايا التي تم العثور عليها.

نشأة علم الآثار:

قبل ظهور هذا اعلم كان القدامى يصلون إلى آثار الحضارات القديمة صدفة عند القيام بأشغال الحفر المتنوعة و البعض منهم كان يحتفظ بما يجده تعبيرا عن إعجابه بتلك المخلفات الرائعة و المختلفة سواء كانت مصنوعه من الحجارة أو المعادن أو الفخار أو غيرها من المواد الأخرى و بالتالي فعلم الآثار كان بمثابة تجميعا للآثار و لم يكن علما دراسيا مضبوطا و مع ظهور النهضة الأوروبية تطور هذا اعلم و بدأ البحث الجاد عن الماضي حيث شرع علماء الآثار في استخراج الآثار القديمة من باطن الأرض و ترميمها و تصنيفها ثم عرضها في المتحاف و يمثلان القرنين 17-18م البداية الحقيقة لعلم الآثار و مع بداية قرن 19م بدأ علم الآثار يأخذ شكلا أكثر تطورا و امتدادا حيث أنه امتد و انتظم أكثر و خرج من اطار العمل الفردي إلى العمل الجماعي المنظم في شكل هيئات منظمة في الأكاديميات و المعاهد و الجامعات و في هذا العصر بدأ الهتمام بالآثار اليونانية و الرومانية الموجودة حولهم ثم بدأ اهتمامهمبآثار الشعوب الأخرى مع ظهور الاستعمار و خاصة في بلاد الشرق على يد الحملات الفرنسية و الإنجليزية التي كانت تصحب معهم رجال الدين و تجار للكشف عن الآثار و حملها إلى أوروبا .

مراحل تطور علم الآثار :

مر بثلاث مراحل :
مرحلة 1 :
اتسمت بالوصف و التعليق تعبيرا عن بعض الرحالة عن اعجابهم و انبهارهم بما رأوه من آثار قديمة.
مرحلة 2:
بدأ خلالها الباحثون بجمع النصوص المدونة بالللغات القديمة و محاولة تفكيك رموزها و تفسير مضامينها و اتسمت هذه المرحلة باستخراج الآثار من مواقعها من طرف بعض المهتمين و العلماء.
مرحلة 3:
بدأ فيها علم الآثار يعتمد على التحليل و التعليل و إعادة تركيب الآثار مع الالتزام بطرق منهجية علمية و مدروسة.

أهمية علم الآثار:

_ التعرف على مدى الصراع الذي كان بين الطبيعة و الإنسان من خلال الوسائل التي كان يستعملها لتسيير حياته في ما يتعلق بالمأكل و المسكن.
_ المساهمة في إحياء تاريخ الأمم المجهولة و الحضارات القديمة و الاستفادة من تجارب الانسان المختلفة.
_ تسجيل ابداعات الانسان في شتى مجلات العمارة و الفنون و الآداب و الثقافة عموما.
_ الكشف عن فنون الشعوب القديمة و صناعاتهم و تطورها مع مرور الزمن أو المحافظه على الآثار الموجودة و الكشف عن المجهولة بفعل التقدم الكبير الذي أحرزه هذا العلم في ميدان الحفر و الصيانة و الترميم و التخزين و العرض.
  و عموما فإن علم الآثار و من خلال دراسته للمخلفات العاءدة للعصور القديمة يمكنه أن يؤكد لنا أو ينفي صحة ما نمتلك من معارف أو يساعدنا على إعادة بناء المعطيات التاريخية او يدعم معطياتنا عن فترات ما قبل التاريخين و هو في وقت نفسه يزيد من معارفنا حول الفنون و التقنيات و طرق المعيشة لشعوب قديمة .

مجالات علم الآثار:

يدرس علم الآثار البقايا و المخلفات المادية للانسان من هياكل عظمية و عماءر و صناعات على اختلاف أنواعها و أيضا المحيط الذي كان يعيش فيه و ما يرتبط به من ظواهر طبيعية كالزلازل و البراكين و الفياضانات و أيضا المناخ و التضاريس و كذلك بالنسبة للثورة الحيوانية فلا بد من توسيعها و فوق هذا العلم ليشمل الانسان و مخلفاته و البيئة التي يعيش فيها للتعرف على مختلف جوانب حضارته الاقتصادية، الثقافية، و الاجتماعية فمجال علم الآثار على حسب بعض الآراء يبدأ من بداية ظهور الإنسان و صناعاته لأول أداة إلى غاية القرن 18م لكن في الحقيقة لا يمكن تحديد بفترة معينة لأن الحياة متواصلة و كلما استمرت توسع مجال البحث الأدبي .

مشاكل علم الآثار:

يتعرض هذا العلم لعدة عقوبات تحد من نشاطه و تقلل دوره كعلم كاشف لحضارات الشعوب و يمكن إبرازه فيما يلي:
_ تخريب البقايا و المواقع الأثرية بفعل العوامل الطبيعية.
_ بناء مشاريع اقتصادية و تجارية قريبة من المواقع الأثرية مما يجعلها عرضة لكل الأخطار.
_ استعمال بعض أجزاء الموقع في البناءات الحديثة.
_ أعمال الحفر السرية و جمع البقايا الأثرية بغرض بيعها لهوات جمع الآثار والمتاحف.
_ ظهور الآثار المزيفه و المقلدة
_ إنعدام الآثار لدى بعض الشعوب مما يصعب إدراجها ضمن التاريخ العام للحضارة البشرية .
_ إخضاع التفسير و التحليل للنزعة الوطنية .

فروع و تخصصات علم الآثار:

يقسم علم الآثار إلى أقسام تختلف من منطقة إلى أخرى و في الغالب لا نجد مجالا للإثار الاسلامية في الدول التي لاتشملها الحضارة الإسلامية ففي مصر مثلا تعتبر الآثار الفرعونية فرعا بينها في الجزائر هناك فؤوع متعددة و معتمدة و تدرس على أساس أنها تخصصات مستلقة عن بعضها البعض:
_آثار ما قبل التاريخ:
و هو يعتم بدراسة حياة الإنسان منذ صناعته لأول أداة إلى غاية ظهور الكتابة .
_ آثار فجر التاريخ:
و هو يدرس ضمن آثار ما قبل التاريخ الذي يفصل بينه و بين الفترات التاريخية و التي بدأت تظهر فيه البوادر الأولى للكتابة.
_ الآثار القديمة:
يتم في هذا الإختصاص دراسة الحضارات القديمة بداية من الفرعونية و بلاد الرافدين إلى الإغريقية و الرومانية و غيرها من الحضارات في مختلف أنحاء العالم.
_ الآثار الإسلامية:
يدرس هذا الإختصاص الآثار التي خلفها المسلمون منذ ظهور الإسلام إلى غاية نهاية الخلافة الإسامية العثمانية.

العلوم المساعدة لعلم الآثار:


هي مجموعة من المعارف و العلوم و الأساليب التي يستعين بها الباحث التاريخي في جمع مصادره و تقييمها و نقدها ثم تقديم ماديته للقارء على هيءتها المقبولة، فيستعين ببعضها أثناء عملية جمع الأصول و المصادر و بعضها أثناء عملة النقد و الإجتهاد و البعض منها في المرحلة النهائية و هذه العلوم المساعدة تختلف في أهميتها حسب قربها أو بعدها عن موضوع المراد البحث فيه ، أهمها:
1_ علم المساحة:
هذا العلم يفيد كثيرا في تسجيل الآثار حيث أنه دون تسجيل المكتشفات تكون معرضة للإندثار.
2_ علم اللغة:
يستعان به في تحليل النقوش الكتابية و فهم معاني كلماتهاو مفرداتها و أيضا تاريخها.
3_ علم الخطوط القديمة:
يختص هذا العلم بدراسة الكتابات و الخطوط القديمة و يعتبر من العلوم الأساسية المدساعدة للبحث التاريخي و له فروع متعددة: ( كالخط المسماري في حضارة بلاد الرافدين ، الخط الهيروغريفي في حضارة وادي النيل، الخط العربي في الحضارة الإسلامية، اليوناني عند الإغريق، و اللاتيني عند الرومان ...) و تطور الكل خط منهته الخطوط عبر التاريخ و اختلف من عصر إلى آخر .
4_ علم الجغرافيا:
يدرس هذا اعلم جميع جوانب سطح الأرض و مايشمل من تقسيمات طبيعية و سياسية و توزيع و تفريق المناطق و الإنسان عادة بالنسبة للظروف البيئية .
5_ علم المسكوكات:
أي علم النقود و يطلق عليه علم النميات و هو علم يدرس النقود و العملات التي تعامل بها الناس على مر العصور و تعد وثيقة رسمية غير قابلة للتزييف أو التحريف .
6_ علم التاريخ :
و يعد بمثابة لعمود الفقري لعلم الآثار فهو مرتبط به إرتباطا وثيقا حيث يمده بالمعلومات الجد هامة حول المدن و المعالم الأثرية المندثرة و الغير المندثرة فهناك العديد من المعالم و المدن اندثرت لكن حفظت في التاريخ .
7_ علم الأنسان:
يدرس هذا اعلم ماضي الإنسان و حاضره و يربط الأحداث و الظواهر الجارية بالعوامل المختلفة التي أوجدتها و تفاعلت معها و ينفتح أيضا على واقع الإنسان بجوانبه الفكرية و الروحية من جهة و الاقتصادية و التكنولوجية من جهة أخرى.
8_ علم الكيمياء:
كثيرا ما يلجئ المختص الأثري إلى الكيمياء في تحديد تاريخ الهياكل العظمية أو تاريخ اللقى الأثرية و أيضا في تحديد أسباب و عوامل تلف الآثار.

مفهوم التنقيب الأثري:

يعتبر التنقيب عن الآثار من الوساءل الرئيسية و البارزة حيث من خلاله يتم جمع اللقى الأثرية على إختلاف أنواعها و موادها و لعلها هدفها الأصيل و الوحيد من كل عملية تنقيب يبقى دائما اكتشاف آثار الذين سبقوها و محاولة التعرف عليها و على عاداتهم و تقاليدهم و حياتهم اليومية قدر المستطاع ، وإذا كان ضروريا القيام بهذه الحفريات للوصول إلى الأدوات المساعدة و استخراجها و دراستها للتعرف على حقائق الحضارات الغابرة فإن هذه اللقى الأثرية سيعمل على تغيير موضعها الأصلي فعلى المنقب أن يقوم بتسجيل جميع الملاحظات و المعطيات حتى التي تبدو له بديهية و دون أهمية دون أن ينسى التصوير فعملية التنقيب تبقى دائما الوسيلة الوحيدة للوصول إلى اللقى الأأثرية فيجب أخذ الاحتياطات اللازمة ، و تخصيص الوقت الكافي للتأمل و الدراسة قبل الشروع في أي عمل ما لأان أي خطأ أثناء التنقيب قد يشوه معالم تاريخية و حضاراتها بائدة تركت بصماتها في تاريخ الإنسانية.

تطور مفهوم التنقيب:

مرّ بمرحلتين:

مرحلة 1:

ساد فيها المفهوم القائل :" التنقيب هو عبارة عن مغامرة للبحث عن الكنوز الثمينة للمتجارة بها أو لتزيين قصور الحكامو الأغنياء"
فقد شهدت أغلب المواقع الأثرية المنقب فيها خلال هته المرحلة تخريب و تدمير و كانت أعمال اتنقيب لا تأبه بإتلاف البقايا الأثرية الغير الثمينة.

مرحلة 2:

ساد فيها بداية التنقيب بأخذ السبغة العلمية الحديثة فصار يبحث عن كل المخلفات المادية للحضارات مهما كانت المادة المصنوعة منها سواء كانت فضة أو ذهب، و لا يتوقف الباحث الأثري عن هذه المصنوعات بل يجمع حتى العظام القديمة ، و المكتشفات حسب المفهوم الأول كان يحددها حسب الجانب المادي بينما المفهوم الثاني أصبحت قيمة الأثر في قيمة ما يقدمه معلومات في مختلف المجالات ( سياسية، دينية ، فنية ...) و لما تغير مفهوم التنقيب الأثري تغيرت معه الطرق و الوسائل و ظهرت المناهج التي ت قنن و تأسس لأعمال الحفرية و التي أصبح يشترط فيها أولا و قبل كل شيء:
_ ضمان سلامة الأثر و ضمان تسجيل كل المعلومات المتعلقة بإكتشافها من تاريخ و موقع و كذا الطبقة التي كان متوضع فيها و تصويرة و رسمه و وضع مخططات له إضافة إلى الحفظ و الصيانة مكملا من اللحظات الأولى لإكتشافه و ظهوره للعيان أي من أول ضربة فأس إلى المتحف سواء العام أو المخزن.

تعليقات